كل يوم حكاية
8- ابن طولون مخبر سرى
كان لأحمد بن طولون دور متميز فى تاريخ مصر فهو اول من فكر فى الأستقلال بمصر عن الخلافة واكثر من ذلك هو اول من ضم الشام الى مصر لتصبح تحت حكمه سبق فى ذلك الفاطميين والمماليك ومحمد على
وهو اول من ابتدع فكرة موائد الرحمن فى رمضان
عندما انشأ عاصمته الجديدة (القطائع) وانشأ فيها اسواق ضخمة كان يتجول كل صباح فى هذه الاسواق عيناه كعينى الصقر نفاذتان وبراقتان كأنهما تغوصان فى لحم من يراه وعندما يظهر فى السوق تدب فيه حركة غريبة تنعدل الموازين وتختفى البضائع المغشوشة وتتوارى الاسعار الظالمة ويسود جو من الهدوء والأمانة
ولكنه لم يكن يصدق مايراه وكانت عيونه من البصاصين تنقل له خفايا مايدور
فى هذا اليوم نزل كعادته يتمشى فى السوق فلاحظ على القرب حمال يحمل فوق ظهره صندوقا كبيرا ويسير به ببطء شديد حتى ان قدميه توشكان على الألتفاف حول بعضهما وسار ابن طولون ببطء يتفقد السوق ولكنه لم يدع الحمال يغيب عن عينيه
حمال عادى يحمل فوق طاقته كما يفعل كل الحمالين ولكن احدا من المحيطين بأبن طولون لم يدرك سر اهتمامه بهذا الحمال بالذات الى ان همس لصاحب الشرطة الذى كان برفقته :" فى هذا الحمال امر غريب"
تأمل صاحب الشرطة فى الحمال وجده فقير المنظر والهيئة والثياب ولايوجد فيه مايريب لكنه رد على مولاه قائلا :" يبدو انه ضعيف القوى ولايصلح لهذا العمل "
قال ابن طولون :" ليس هذا هو الغريب لكن الم تلاحظ انه يضطرب تحت الصندوق الذى يحمله ولو كان هذا راجعا لثقل الصندوق لغاصت عنقه بين كتفيه ولكنى ارى عنقه بارزا وهذا معناه ان الصندوق ليس ثقيلا ولكن فيه مايخيف ويجعله مضطربا لهذا الحد "
اسرع رجال الشرطة الى الحمال واوقفوه وانزلوا الصندوق وحاول الرجل الهرب ثم اخذ يبكى ويتوسل وفتحوا الصندوق ليجدوا جثة امرأة صغيرة مقتولة وممزقة بوحشية وانهار الحمال واعترف ان اربعة رجال كلفوه بحمل هذا الصندوق على ان يدفنه فى اطراف المدينة على ان يعطوه مائة دينارولأنه حمال فقير لايملك الا ان يطيعهم فطلبوا منه
ان يقودهم الى الدار التى بها هؤلاء الرجال واقتحمتها الشرطة وقبضوا عليهم ووجدوا السكين واثار الدماء هناك
وظل ابن طولون يواصل تجواله فى الاسواق يشاهد الحياة اليومية للناس على الطبيعة وبعينيه النافذتين يرى مالايراه غيره